الدولة الفاطمية ) الفاطميون )

تدين الدولة الفاطمية بظهورها لأبي عبيد الله الشيعي، الذي قام بالدعوة لهم في بلاد المغرب ، حيث كان يدعو إلى محمد والد المهدي، ولما توفي والد المهدي أوصى إلى ابنه عبيد الله المهدي، وأطلعه على حال الدعاة ، وشاع ذلك في خلافة المكتفي بالله فطلب عبيد الله المهدي فهرب هو وابنه أبو القاسم محمد إلى المغرب حتى وصلا إلى سجلماسه فأقاما بها، ولكن صاحبها اليسر قبض على المهدي وحبسه ، فلما علم أبوعبيدالله الشيعي بذلك سار إلى اليسع وحاصره وهزمه وأخرج سيده وتمت البيعة للمهدي، الذي استولى على ملك بني الأغلب وتلقب بالمهدي أميرالمؤمنين ، ونادى بنفسه خليفة ، وبعث العمال في النواحي، وبعد أن صفا له الجو وقويت شوكته شيد مدينة المهدية لتكون حاضرة ملكه.
استولى المهدي على الجزائر وتونس وطرابلس وبرقة ، ووجه عنايته لإخضاع قبائل صنهاجة في المغرب الأقصى والقضاء على دولة الأدارسة ، وحاول الاستيلاء على مصرعدة مرات لكنه فشل في ذلك .
استمر خلفاء عبيد الله المهدي على سياسة أبيهم ، فاتسعت الدولة الفاطمية اتساعاً عظيماً لتشمل جميع أراضي المغرب الأقصى، أما مصر فقد اضطربت بها الأحوال بعد موت كافور الأخشيدى، وكان ذلك بمثابة فرصة سانحة للخليفة الفاطمي المعز، الذي جهز جيشاً بقيادة جوهر الصقلي وأرسله إلى الديار المصرية فاستولى عليها بلا حرب وأقام فيها دعائم الدولة الفاطمية ، وأسس مدينة القاهرة سنة 357هـ، لتكون عاصمة الدولة بعد نقلها إلى مصر.
في سنة 361هـ سار المعز لدين الله قاصداً الديار المصرية ، ونزل القاهرة وجعلها حاضرة الدولة الفاطمية ، استولى بعد ذلك الفاطميون على بلاد الشام وفلسطين ، لتزداد بذلك مساحة الدولة لكنها لم تلبث طويلاً، حيث انفصلت الأجزاء الغربية من الدولة و كونت دويلات مستقلة .
وحقيقة الأمر فإن عصر الخليفة المعز لدين الله ، يعتبر العصر الذهبي للدولة الفاطمية وللديار المصرية أيضا، غير أن شأن هذه الأسرة بدأ يتدهور بارتقاء الحاكم بأمر الله عرش الخلافة ، فساءت الأوضاع في عهده ، وتعاقب الخلفاء الضعاف من بعده ، وتعرضت الدولة إلى العديد من الصدمات القوية ، وانحصر سلطانها على الديار المصرية فقط ، بل كادت أن تسقط نتيجة للحملات الصليبية على بلاد الشام ومصر، وفي أواخر عهدها تعرضت الدولة لحكم الوزراء والقادة الأقوياء، وكثرت الفتن والمجاعات والأوبئة ، وبوفاة العاضد أخر الخلفاء الفاطميين قام صلاح الدين الأيوبي الذي كان متولياً الوزارة من السلطان نور الدين على مصر إعلان سقوط الدولة الفاطمية ، و إعادة الدعوة للخليفة العباسي.

الدينار الفاطمي

كانت الدنانير الفاطمية فى بواكير عهدها تضرب على غرار الدنانير الأغلبية وتحمل عبارات سنية ، رغم المذهب الشيعي الذي يعتقده خلفاء الدولة ، وما كان يميز تلك النقود عن غيرها، هو نقش اسم الخليفة الفاطمي المعاصر عليها، وفي عهد القائم تغير نمط الدنانير عن النمط الأغلبي السابق إلى نمط جديد تماماً، وأصبح طرازاً فاطمياً مميزاً ا، إذ أصبح الظهر يحوي هامشين ، الداخلي منها يحمل مكان السك و تاريخه ، أما الخارجي فقد سجلت عليه الآية القرآنية 115 من سورة الأنعام ، ( وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ).
استمرت التطورات في شكل الدنانير الفاطمية بعد عهد القائم ، ففي عهد المنصور ظهرت دنانير تحمل حلقة مفرغة ، تفصل بين كتابات مركزية وهامش واحد في وجه الدينار وظهره ، وازدادت التطورات في طراز الدنانير بعد وفاة المنصور إذ بدأت العبارات الشيعية تظهر صراحة على دنانير خلفائه ، كان أولهم المعز لدين الله الذي كانت دنانيره تضرب على عدد من الطرز المتباينة ، فتارة كان طراز دنانيره يحمل في الوجه والظهر على السواء كتابات مركزية تحيط بها ثلاثة هوامش ، وطراز آخر مثل السابق غير أن الكتابات المركزية لم تعد تظهر وحل محلها مساحة فارغة
منقوطة في الوسط ، ومن طرز دنانيره أيضا طراز لا يختلف عن السابق غير أن المساحة الفارغة في مركز ظهر الدينار نقش عليها كلمة (عدل ).
أما الخليفة العزيز فقد ضربت دنانيره على طراز يحمل فى كل من الوجه والظهر دائرة مركزية خالية من الكتابة ومنقوطة في الوسط ، تحيط بها مساحة خالية ثم كتابات الهامش الداخلي، ومساحة أخرى خالية ثم كتابات الهامش الخارجي، وقد استمرت دنانير العزيز تضرب على هذا الطراز طيلة عهده .
أعقبه الخليفة الحاكم الذي ضرب بدوره عدداً من الطرز المختلفة ، طراز يحتوي على كتابات مركزية تحيط بها مباشرة كتابات هامش داخلي وآخر خارجي، وضربت دنانيره أيضا على طراز يختلف عن السابق بفصل كتابات الهامش الداخلي عن الخارجي بمساحة خالية ، كما أن هناك نوعا آخر من طرز دنانير الحاكم تتمثل في دائرة مركزية تحمل كتابات المركز تفصلها مساحة خالية عن كتابات هامش واحد في وجه الدينار وظهره .
أما في عهد من تبعه من خلفاء الدولة الفاطمية فقد ضربت الدنانير على عدد من الطرز المختلفة ، هي في الأصل محاكاة للدنانير الفاطمية التي سبق ظهورها من قبل ، و ساد من تلك الطرز، ذلك الطراز المتمثل في كتابات مركزية تتلوها مباشرة كتابة الهامش الداخلي ثم مساحة خالية ، ثم كتابات الهامش الخارجي، واستمرت الدنانير تضرب على هذا الطراز حتى سقوط الدولة الفاطمية على يد الدولة الأيوبية .
ضربت في عهد الدولة الفاطمية أجزاء الدينار في أماكن ضرب مختلفة من أقاليم الدولة الفاطمية ، كما جرى في عهدهم قيام الصليبيين بضرب دنانير تحاكي دنانير بعض خلفاء الدولة الفاطمية ، وتحمل أحيانا أسماء أولئك الخلفاء، وهي لا تختلف عن الدنانير الفاطمية إلا بوجود الشارات المسيحية ، وبعض الأخطاء التاريخية والكتابية .